الحالات التي نعالجها

دراسة تكشف عن ارتفاع معدل الحمل الفيروسي عند الأطفال الصغار أثارت التساؤلات حول مدى احتمالية انتقال الفيروس التاجي

المصدر

أظهرت دراسة صغيرة تم نشرها يوم الخميس 30 يوليو، في مجلة جاما بيدياتريكس أن الأطفال الصغار دون سن الخامسة لديهم مواد جينية من فيروس كورونا المستجد تتراوح ما بين 10 إلى 100 ضعف المواد الموجودة لدى الأطفال الأكبر سناً والبالغين.

وبالرغم من أن الدراسة لم تقم بقياس قابلية الفيروس للانتقال إلا أنها أثارت العديد من التساؤلات مع عودة افتتاح المدارس حول مدى سهولة انتشار فيروس كورونا المستجد عن طريق الأطفال دون سن الخامسة.

قالت المؤلفة الرئيسية، د. تايلور هيلد-سارجنت، أخصائية الأمراض المعدية عند الأطفال في مستشفى لوري للأطفال في شيكاغو لشبكة CNN “لاحظنا مؤخراً أن الأطفال الذين قمنا باختبارهم للكشف عن مرض سارس CoV-2 وكانت نتيجة اختبارهم إيجابية، قد كان لدى المجموعة الأصغر سناً منهم نسبة مرتفعة من الحمض النووي الفيروسي – حمل فيروسي مرتفع في الأنف – بالمقارنة مع الأطفال الأكبر سناً والبالغين”. “ولذلك فإننا عندما قمنا بدراسة الأرقام والمعطيات وجدنا أن هناك بالفعل كمية مرتفعة من الجينات التي تحمل شيفرة فيروس سارس والتي ترتبط عادة بوجود بوجود كمية أكبر من الفيروسات في أنف الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات بالمقارنة مع الأطفال الأكبر سناً والبالغين”.

قامت د. هيلد-سارجنت وفريقها بتحليل 145 عينة من مسحات تم جمعها من مرضى تتراوح أعراض كوفيد-19 لديهم من طفيفة إلى متوسطة وذلك خلال أسبوع من ظهور الأعراض. 46 منهم كانو أطفال دون سن الخامسة، و51 منهم تراوحت أعمارهم بين 5 و 17 سنة، و48 من البالغين بين سن الـ 18 والـ 65. تم جمع العينات بين نهاية مارس ونهاية أبريل من مختلف المرضى الداخليين والخارجيين وقسم الطوارئ ونقاط اختبار الركاب في مركز طب الأطفال للرعاية الصحية في شيكاغو.

توصّل الباحثون إلى أن الأطفال دون سن الخامسة لديهم كمية أكبر من جزيئات الفيروس في الانف مما يشير إلى “وجود نسبة أكبر بـ 10 أضعاف إلى 100 ضعف من فيروس كورونا في الجهاز التنفسي العلوي…”

تقول د. هيلد-سارجنت أن على المزيد من الدراسات أن تركّز على قابلية انتقال السارس CoV-2 عند الأطفال، وأضافت “لا يبدو حتى الآن أن العدوى تنتشر بشكل رئيسي عن طريق الأطفال”.

ولكن فريقها أشار في البحث إلى أن إجراءات البقاء في المنزل التي تم تطبيقها في منتصف شهر مارس قد قللت من فرص انتقال العدوى عن طريق الأطفال الصغار.

“أما السؤال الذي لا يزال قائماً: هل يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الأطفال؟” أجابت د. هيلد-سارجنت بنعم وأشارت إلى أن غياب الأدلة ليس دليلاً على الغياب. وأضافت أنه إذا كان هناك فيروسات تنفسية أخرى تشير إلى ذلك فإن الإجابة ستكون نعم أيضاً.

“سيخبرك أي معلم في مدرسة ابتدائية أو طبيب أطفال أن (الأطفال الصغار) هم عبارة عن ناقلات صغيرة فعّالة تساعد على انتشار الفيروس وذلك لأننا نمرض كثيراً في الشتاء بسبب هؤلاء الأطفال”. “أعتقد أننا إذا قمنا بمقارنة فيروس كورونا مع الفيروسات الأخرى المشابهة… سنجد أنه من المرجح أن ينتقل المرض عن طريق الأطفال”.

يقول خبراء آخرون أنه بالرغم من عدم تفاجئهم بالنتائج إلا أنه من الجيد وجود دراسة تثبت صحة معلوماتهم.

قالت د. ألبانا وغمار من مستشفى سياتل للأطفال: “لم تكن البيانات في حالات الأطفال قوية كما هي في حالات البالغين المصابين بكوفيد-19 لذلك فإن من الجيد الحصول على بيانات فيروسية إضافية حول المرضى من الأطفال”.

قالت واغمار، وهي أستاذ مساعد في طب الأطفال في قسم الأمراض المعدية عند الأطفال في جامعة واشنطن: “قام المؤلفون بعمل جيد في مقارنة كمية جيدة من العينات من مختلف الفئات العمرية واستخدام تصميم بحثي واضح للنظر في الاختلافات في الحمل الفيروسي بين هذه الفئات العمرية”.

كما قالت واغمار أن النتائج متّسقة مع الدراسات الآخرى التي تم نشرها والتي تبحث في الأحمال الفيروسية لطيف واسع من فيروسات الجهاز التنفسي لدى الأطفال، وأضافت ” لبس من المستغرب العثور على حمل فيروسي أعلى عند الأطفال وأعتقد أن السؤال حول ما يعنيه ذلك بالضبط بالنسبة لقابلية المرض للانتشار لا يزال غير واضح”.

يتفق د. مايكل سميت، طبيب الأمراض الأطفال المعدية في مستشفى الأطفال في لوس أنجلوس، في هذه النقطة ويضيف إليها.

يقول سميت، وهو أيضاً أخصائي الأوبئة في المستشفى ويشغل منصب المدير الطبي للوقاية من العدوى ومكافحتها “لقد أدركنا منذ فترة طويلة أن الأطفال الصغار يُشكلون وسط التكاثر المفضّل لبعض فيروسات الجهاز التنفسي وهم يُمثّلون الشريحة السكانية التي تنشر الفيروسات إلى بقية المجتمع”.

قال سميت أن هذا الأمر قد تم إثباته من قبل في حالة الفيروس المخلوي التنفسي ومن خلال أبحاث مجموعته التي تم نشرها كرسالة بحثية في شبكة مجلة الجمعية الطبية الأمريكية المفتوحة في منتصف شهر مايو حيث أظهرت حدوث نفس الأمر في حالة الفيروسات التاجية الموسمية. “لذلك فإنه من المعروف في طب الأطفال أن الأطفال الصغار يمكن أن يكونوا المحرك الرئيسي لانتشار المرض في المجتمعات”.

ومع ذلك فلا تزال هناك أسئلة تتعلق بفيروس كورونا المستجد فقد وجدت دراسة تم إجراؤها مؤخراً في كوريا الجنوبية أن الأشخاص اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 19 عاماً ينقلون كوفيد-19 داخل العائلة تماماً كالبالغين ولكن الأطفال في سن التاسعة وما دون ينقلون الفيروس بمعدلات أقل بكثير.

إذاً ما الذي يمكنك فعله حيال هذه المسألة؟

يقول سميت “بمجرد معرفة الديناميات المتعلقة بكمية الفيروس الموجودة والمجموعات العمرية التي يتواجد فيها بكثرة والتي يتواجد فيها بنسب قليلة فإن ذلك سيساعدنا في وضع استراتيجيات للمراقبة والاختبار والعزل”.

قالت هيلد-سارجنت أن “العادات السلوكية” عند الأطفال الصغار جداً، كنقص الوعي بالمساحة الشخصية والنظافة الشخصية وكثرة الحركة واللعب بالأيدي وفرك العينين والأنف، تجعل من الصعب التحكم في أي انتشار محتمل لأي مرض ولكن يبقى من الضروري محاولة منع ذلك”.

وأضافت “إن من الصعب جعلهم يرتدون الأقنعة الواقية ويغسلون أيديهم ومنعهم من وضع كل شيء في أفواههم وأنوفهم”.

“إن ممارسة الكبار للسلوكيات الجيدة وتشجيع أطفالهم على غسل أيديهم وارتداء الأقنعة الواقية قدر الإمكان وتنظيف الأماكن التي يلمسها الأطفال بكثرة وتغيير الحفاضات بشكل مناسب” هي جميعها ممارسات جيدة، كما قالت أن الأطفال الصغارة عادةً ما يرغبون بإرضاء والديهم وتقليدهم.

أما على المستوى المجتمعي، فقد قالت أنه سيكون من المهم أيضاً تطبيق ممارسات لمكافحة العدوى كتقفي أثر مخالطي المرضى واتخاذ الإجراءات المناسبة في المدرسة كإبقاء الأطفال ضمن نفس المجموعات الصغيرة للحد من انتشار المرض.